كانت الليلة الأولى من وفاة أخي الأكبر و انا ذات ثمان أعوام هي الأصعب أخذني خالي لأبيت معهم في بيت جدي... في مشهد قد يصلح للدراما عندما احتضنتني امي باكية انا و اختى الصغرى لتخبرنا ان احمد قد مات لم أدر ما اقول سوى يعني مش هنشوفه تاني ؟ حاول كل من حولي ان يواسيني يخبرني انه قد ذهب في رحلة الى السماء و اخرون يخبرونني ان على ان اتحمل و اصبر كي لا ينهار ابواي ...
مررت بأشياء كثيرة كطفلة لم ادر وقعها في حياتي الى وقت قريب كنت أستنكر عندما يسألني من يكبرنا في المدرسة هل حقا مات اخوك
اخبرهم لا و اصمت تهربا مني من ان اخبرهم انه مات و تجنبا مني ان ادخل في حكايا لن تجلب لي سوى الكثير من الالم و الشفقة التي امقتها و انا في غنى عنها
كطفلة لم أجد الملاذ الآمن .. قررت ان احمل حزني على راحتي و اصمت ..
و لكن عندما يقترب شبح الموت ممن احب و اهتم أجد في قلبي خوف و طفلة ذات ثمان اعوام تقول يعني مش هنشوفهم تاني ؟ احاول ان اهدهدها و اخبرها ان ربما يمن علينا و يكن موعدنا الجنة .
بكيت جدتي شهورا كلما اويت الى فراشي اتخيلها افتقد حديثها و مزاحها كانت جدتي خفيفة الظل و ربما ورثت ذلك عنها و كانت فطنة شديدة الذكاء و لم ارث ذلك عنها للاسف كانت اشياء كثيرة لن تنصفني الكتابة عنها عشت معها ٧ سنوات كانت سنوات سمان .. احب الجدات و ريحهن الطيب ..
و يحزنني فراق من احب خاصة الاونة الاخيرة كلما عرفت ان شخصا ما احب مريض مرض الموت اشعر بفراغ داخلي كأن داخلي فناء به الكثير من الورود يصبح خاويا فالكثير ممن احب و تشكلت معي ذكرياتهم و طفولتي يرحلون واحدا تلو الآخر و يقول المثل " الجنة من دون ناس ما بتنداس " اظن الحياة من دون الي بنحبهم ما بتنعاش ...
يقول حسين البرغوثي في كتابه يهون على زوجته بعد تشخيصه بالسرطان :" قل لهما مهما حدث ، ان زرتني فسأكون بين اللوز ! ستكون شمس و يكون نوار يتطاير في الهواء و تكون جنائن و نحل و طريق نحل "
العزلة و الكتابة هما ملاذي الآمن وجدت فيهما ما لم اجده مع احد من البشر ..منعت نفسي عنها ظننا مني ان البوح و التواصل مع البشر سيخفف من رقتي و رومانسيتي الزائدة عن الحد و لكنني اعود للتدوين بقلب مرهف و عقل واع و اكثر استيعابا لما يحتاج و لا يخجل منه ...
